Sunday 19 January 2014

الميدان: لا ينصح بمشاهدته لمن آمنوا بالحلم


"باتفرج على فيلم "الميدان". انا في الدقيقة ١٢. حسيت بنفس فرحة لحظة تنحي مبارك من ٣ سنين. دمعت. وبعدين قعدت أسب وأشتم وألعن في الفشل والخيانة".

دي اللي كتبته على تويتر وأنا باتفرج على فيلم جيهان نجيم "الميدان"، واللي استطاع من خلال مدته وهي ساعة وأربعة وأربعين دقيقة، إنه يقدم إجابة عن سؤال كنت عايز أكتب عنه تدوينة طويلة أو مجموعة تدوينات بعنوان "٣ سنوات بعد يناير.. ٣ سنوات من التخبط والفشل"..

هو في الحقيقة بعد الفيلم ما بقاش فيه داعي لكتابة التدوينة. ومفيش داعي للكتابة عن الفشل أو التخبط. التآمر على التغيير في مصر، من كل القوى، كان أكبر من قدرة الثوار اللي معندهمش أي خبرة. وهما حيجيبوا الخبرة منين طالما اتولدوا في عصر السيد الرئيس الفريزر محمد حسني مبارك؟!

تبقى مجموعة ملاحظات:

١. الفيلم فيه ٣ شخصيات رئيسية. أحمد حسن: ثوري، وفي الشارع على طول. خالد عبد الله: ممثل مصري اتربى وعاش في بريطانيا ورجع مصر لما قامت الثورة في يناير ٢٠١١ ورفض يسيبها وشاف الليلة كلها. مجدي عاشور: من الإخوان المسلمين وشارك في يناير ٢٠١١ ومحمد محمود ورفض يشارك في الاتحادية ولكن شارك في رابعة.
طبعا بيحصل حالة تعاطف لا إرادي مع الشخصيات الرئيسية دي، وبيحصل تعاطف أكبر مع صداقتها.

٢. الفيلم بيصور من أول ما الناس اتجمعت في الميدان في ٢٠١١ وخلعوا مبارك لحد خلع مرسي. نفس الشخصيات بتشوفها على مدار سنتين ونصف. بتشوفها تغيرت في طريقة التفكير. بتشوفها اتغيرت في الملامح. بتشوفها وهي بتكبر. وبتشوفها وهي بتتكسر كل آمالها وبتحبط. وأنت بتشوف كل دة بيحصلك إحباط وبتقوم تشتم وتسب وتلعن في اللي كان السبب.

٣. في حتت من الفيلم أنا كنت في مصر وكنت في نفس الأماكن وفي نفس توقيت تصوير المشاهد دي. أنا فاكر مثلا إن شوفت جيهان نجيم وهي بتصور الناس اللي وقفوا قدام الدبابات اللي بتحرس مقر أمن الدولة في لاظوغلي. وكنت في الميدان لما حصل الفض في مارس ٢٠١١. وطبعا حضرت ما قبل إعلان نتيجة مرسي وما بعدها.. وبعدها سافرت.
كل المشاعر الشخصية المتضاربة من أول يناير ٢٠١١ لحد فوز مرسي ثم خلعه، افتكرتها وأنا باشوف الفيلم. وبرضه قعدت أسب وأشتم وألعن!

٤. أول درس خدته في الجامعة: "الدول التي تمر بمراحل تحول ديمقراطي تمر باضطرابات عنيفة وردات الى الوراء وربما الى الديكتاتورية خلال السنوات العشر الأولى".. وإحنا لسة في السنة التالتة!

ولذلك فعبقرية الفيلم إنه بيوضح للمشاهد أمرين مهمين جدا: أولا: مسار التعلم القاسي والدروس اللي المفروض يكون استفاد منها المصريين خلال مراحل التحول الديمقراطي الطويلة والعنيفة. ثانيا: إن التغيير العميق اللي كان الكل منتظره من ثورة يناير وخلع مبارك، هو عملية مرفوضة من قطاعات في المجتمع ومن جماعات مصالح ومؤسسات، ترى إن التغيير حيغير شكل المعادلة السياسية والاجتماعية الحالية، واللي كانت سائدة على مدى عقود.

٥. أتمنى الرئيس القادم للبلاد، أياً كان اسمه، إنه يشوف الفيلم دة. الفيلم دة فيه تحذير مرعب: طوفان البشر، لا حد بيقدر يوقفه، ولا حد بيقدر يقف قدامه.


No comments:

Post a Comment