Thursday 26 April 2012

التمييز لدى العقلية العربية.. هواية


أثار اعتقال المحامي الحقوقي المصري أحمد الجيزاوي في المملكة السعودية الكثير من ردود الفعل الغاضبة من قبل المصريين الذين احتج البعض منهم أمام السفارة السعودية في القاهرة، فيما عبر البعض الآخر عن غضبه على ساحات التواصل الاجتماعية.

وفيما بدت الحرب الكلامية بين المدافعين عن المحامي المعتقل وبين من يعتقدون في صحة رواية السلطات السعودية وأنه حاول بالفعل تهريب حبوبٍ مخدرة، فإن قلة حاولوا أن يذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك، وتحديداً التوقف أمام ظاهرة التمييز في المجتمع السعودي. هذه الظاهرة التي بدت في بعض التعليقات العنصرية تجاه المصريين على ساحات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن وجودها في شوارع المدن السعودية.

السطور القادمة كتبتها في ظروف مختلفة، ولكني أرتأيت إعادة نشرها، لعلها تساهم في تقديم فهم لمشكلة التمييز في المجتمعات العربية.

العقلية العربية وهواية التمييز

مشكلة العقلية السائدة في العالم العربي والتي أدت الى كل كوارثه، خاصة في المئة عام الأخيرة من تاريخه تتمثل في النقاط التالية:

1.هي ترى العيب في الآخر وتنسى ما تواجهه من عيوب. هي تعتقد أن الآخر سببا في كل مشاكلها وتقبل أن تكون مفعولا به طوال الوقت. هي تلك العقلية التي روجت على مدى ستة عقود لخطاب يقوم على أن فلسطين قد ضاعت نتيجة مؤامرة صهيونية بريطانية، ونسيت أن هزيمة 1948 بدأت باتفاق بين ملك عربي والوكالة اليهودية في فلسطين على ضرب الحركة الوطنية الفلسطينية. وأن من بين المشاركين في التخطيط لهزيمة 1967 كانوا من العرب الذين رأوا تلاقي مصالح في إيقاف مشروع للنهضة قد يطيح بعروشهم.

2.هي عقلية تختار أن تبحث في مشاكل الآخر وتنسى أن تحل مشاكلها. هي أيضا هذه العقلية التي انشغلت في إثبات أن الترحم على مؤسس شركة أبل ستيف جوبز حرام واستخدمت في نشر ذلك هواتف شركته أيفون وكمبيوترات أبل، ولم تنشغل في معرفة مسيرة نجاح ستيف جوبز أو التحديات التي واجهها.

3.هي عقلية تعتقد أن التمييز الذي تمارسه مجتماعاتها (المسلمة التي تعرف الله) حلال والتمييز الذي تمارسه المجتمعات الأخرى (الصليبية والكافرة والتي لا تقيم الحدود) حرام. كيف تفسر مثلا هذه الهجمة الشرسة من الكتاب العرب على الغرب الذي مارس التمييز ضد المسلمين في مدنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، بينما تمارس بلدان بعض الكتاب العرب ممن اشتركوا في هذه الحملة، التمييز اليومي على العمالة الفقيرة القادمة من شبه القارة الهندية والتي يدين جزء كبير منهم بالاسلام، أي نفس الدين الذي يدين به من يضطهدونهم!

4.هي عقلية تعتقد أن التمييز أنواع. فالتمييز ضد الآسيويين ليس تمييزا من وجهة نظرها، وإنما التمييز الحقيقي هو ما يمارس ضد المسلمين في الغرب. هذه العقلية هي التي بررت التمييز ضد الشيعة في البحرين والتمييز ضد الأقباط في مصر والتمييز ضد البهائيين والتمييز ضد أصحاب البشرة الداكنة

هي هذه العقلية التي لا تتوقف أمام التمييز بسبب هوية إثنية. ففي دول الخليج يعتبر وصف شخص بأنه "هندي" مسبة! وإذا قال أحدهم لآخر "يا ولد الإيرانية" فقد ارتكب إثما عظيما! ومن المدهش أنه في كل هذه الدول، لا يمارس التمييز ضد الأمريكيين أو البريطانيين المقيمين في تلك الدول

فالعقلية التي تمارس التمييز تؤمن بأن الله قد خلق الناس درجات، وإذا كنا أسياداً على ما سوانا، فإن الغربي الأبيض صاحب العين الملونة والشعر الأشقر هو سيدنا. إرث استعماري لا يصلح معه سوى قراءة معمقة لكتاب إدوارد سعيد "الاستشراق".




No comments:

Post a Comment